الأربعاء، 13 مارس 2013


في الغرب نوعٌ منَ البشرِ يعبدُ رأس ماله، شركته، مصنعه، عملهُ ستّة ايّام في الأسبوع ويتوجّهونَ في اليوم السابع إلي الله وقد لَـا يتوجّهونَ إليهِ لِـأنّهم -أصلًـا- لَـا يؤمنونَ بوجوده... ومع هذا يتقدّمونَ يومًا بعدَ يوم ..

ونحنُ نهربُ من أعمالنا بحجّة المحافظة علي الصلَـاة وقراءة الورد اليومي -الّذي لَـا يحلو لنا إلّـا في أوقات الدوام- ومع ذلك نتخلّف يومًا بعد يوم.. حتّي أصبح ما بيننا وبينهم قرو
ن
سحيقة!
بأعمالنا هذه جعلنا العالم يتصور أن تخلّفنا راجعٌ إلي ديننا.. دين الإسلَـام العظيم.. نحنُ الّذينَ أسأنا إليه حينَ عبدنا الله علي غير الوجه الّذي أرادهُ منّا.

هم يبنونَ حضارة جافّة.. ستزولُ حتمًا، لكنّها يومَ تزول، فلن يكونَ ذلكَ من أجل سواد عيوننا ولكن لـأنّ الله سيستبدل قومًا غيرنا، يعبدونه بالعمل كما يعبدونه بسائر الطاعات، يومَ يظهرُ هؤلَـاء سيلقي اللهُ الروح من أمره علي جثة حضارتنا الهامدة، فتعودُ إلي الحياة. ويموتُ ما دونها من حضارات جافة كافرةٌ بوجوده (سُبحانهُ)!


24/10/2012

الاثنين، 11 مارس 2013

قوالب الطوب

ولماذا ترتبك .. عندما يباغتكَ أحدهم بسؤالٍ خبيث حول قناعاتك الّتي تغيّرت كثيرًا في الوقت الحاضر بالمقارنة مع الماضي؟ .. قّل لهُ : تبًا لك يا رجُل علي سوء ظنّك بي !
أكنت تعتقد أنّني قالب طوب..

القوالب وحدها هي التي لا يسري عليها التغيير .. فهي لا تتأثر أبدًا إلّا إذا أرادت أن تتكسّر لتنتهي وتختفي. لماذا يكتب اللهُ لنا كلّ يوم عمرا جديدا ويمنحنا فرصة أخري؟ .. أليس لنتعلّم شيئًا جديدا يضيف إلي خبراتنا أو يقوّم عوجًا فينا أو يعلّمنا أن ما كُنّا نراه خطئًا هو الصواب بعينه والعكس قد يكون صحيحا.

المهم ... أن يكونَ الإنسان صريحا وحقيقيا مع نفسه ومعَ الآخرين.
يُعلنَ عن مواقفه ويعتذر عن آراء سابقة اجتهد فيها واقتنع أنها صائبة ثمّ تراءي لهُ فيما بعد أنّه كان علي خطأ. المهم أن لا يتلوّن .

الوطن والخيانة



نعم، لدينا كل هذه المشكلات والمصائب. نعم، نعاني من انحطاط وتدنّي علي كافة المستويات. هل تستطيع أن تنكرَ ذلك؟ دّلَني علي قيمة لَم تُغتصَب بعد .. أو مبدأ لم ينحرِف به أحدهم. نعم، البلد جميلة لكنّ وجهها مشوّه. كل شيء فيها يمثّل غيرنا. نحن مصابونَ بكل الأدواء علي مستوي الفرد والجماعة، والّذين يأنفونَ من تلك الحقيقة المرّة ويتهمونك بخيانة بلادك وتشويه تاريخها وإهانة تراثها أمام العالم لأنّك تتحدّث بصوت عال؛ هم الخونة الحقيقيون. يريدونَ أن يتعاموا عن كل المساويء الطارئة علي مجتمعاتهم كي لا يشمت فيهم الآخرون. وتصل الخيانة حدّها عندما يتعصبونَ لبلد يدركون تمامًا أنّه متخلفٌ لكنّهم يصرونَ علي تزيينه للناس في الدّاخل والخارج والحقيقة غير ذلك بدعوي حبّه!.

واسأل نفسك لماذا لا يرفعون الواقع بصدق؟ والإجابة الوحيدة المنطقية ستكون (لأنهم مستفيدون من هذا الوضع، فهذا هو الجو الملائم لبقاء تلك الجراثيم علي قيد الحياة)

الحضارة ليست عملية تجميل..
الحضارة عملية تنظيف وتطهير وإعادة تنظيم وقبلَ كل ذلك اعتراف بوجود مشكلة وبحث عن حل. الوطنية لا علاقة لها بالكذب علي الله والناس والوطَن. لا تصدّق هؤلاء الذينَ يتحدثونَ ليل نهار عن التفاؤل الغير موضوعي ومحاولة تجاهل هذه المشكلات بدعوي أنها شيء إلهي ستعالج نفسها (كرامات بقي عشان إحنا طيبين) . يا سيدي إنهم يضحكونَ علينا كي نبقي في مكاننا. التفاؤل يجعلنا مقبلين علي الحياة والواقع بمشكلاته بنهم شديد، يدفعنا للبحث عن حلول ، يشغلنا بما يدور حولنا .. لكن أن تديرَ ظهرك للعالم وتنظر طوال عمرك إلي السماء كالأبله لأنّك متفائل منتظرا أن تمطرك الحلول المناسبة فهذا هو التشاؤم بعينه، هذا هو الخوف و هذا هو الهروب من المواجهة.


10/3/2013

العجوز والشاب الفانكي


في محطة الأتوبيس، توجّهت إلي شبّاك التذاكر، حجزتُ مقعدًا ، صعدتُ الدرج الصغير ونظرتُ إلي هناك حيث مستقري طوال الرحلة... وأخيرا جلستُ أترقّب اللحظة التي تنطلق فيها الحافلة.!
صمتٌ وملل وانتظار لم يطل كثيرًا، فعلي حين غفلة أيقظَ الضجيج شابٌ (فانكي) ، صرخ في وجه رجلٌ ، رث الهيئة، غائر الملامح، لا يبدو منه إلّا شفتين تكسوهما ابتسامة بالية ،يقبعُ في نهايتها لحية اشتعل فيها الشيب . بيديه المرتجفتين راح يربتُ علي كتف الشاب ويقولُ (أنا آسف يا بُني . والله لم أقصد). العجوز لم يكن يُجيدُ القراءة ليكونَ باستطاعته تحديد مقعده، فكانَ عليه أن يمر بينَ المقاعد من أولها لآخرها، يعدها واحدًا واحدا ليصلَ إلي مكانه. ولأنّه كانَ بطيء الحركة؛ طالت الدقائق و تعرّق السمك الذي كان بحوزته فعبِقَت رائحته بالمكان. الشابُ ينهر العجوز وينفض يديه في وجهه. والدمعُ في استسلام خان العينين الزائغتين وسالَ من دون إذن علي خد الزمان القاسي، يلومهُ كيف تفعلُ بالشيب ما تفعل وكيف تُذلّه .. أليس لهُ عليكَ كرامة؟!

تجمّع حولَ العجوز بدل الشاب خمسة !
يسألونه في صوت واحد: "ءأعمي أنتَ أيُّها الرجُل؟"
"كيف نذهب إلي جامعاتنا الآن بعدما تشرّبت مقاعدنا رائحتكَ القذرة؟"

والرجلُ صامتٌ وصمتهُ يزيدهم طغيانًا وكُفرًا بكل معاني الإحترام والإنسانية.
جلس في مكانه أخيرًا وراحوا يضحكون -الخمسة- من ذلك الخَرِف الذي أفسد عليهم رحلتهم. فهذا يقول (أن البلد ستبقي علي حالها طالما كانَ فيها أمثال هذا الرجل) وآخر يتندر باعتذاره -العبيط- منهم ويردُ عليه ثالث متثاقف (المجتمع يعج بالكثير من أمثال هؤلاء، فلا تعقد آمالا كبيرة علي نهضته!!)

ورحت أسأل نفسي لو كنت بصحبة هؤلاء وتلوّث مقعدي بتلك الرائحة القذرة... ما الذي كنتُ سأفعله؟. هل كنتُ لأقبّل رأس العجوز وأقولُ له (لا عليكَ سيدي، سأتولي الأمر بنفسي)؟ ... أكنتُ سأفعل ما فعلوه به وأكثر؟ .. هل أكتفي باحتقاره في سرّي وأغادر الحافلة كلها إلي أخري؟؟

ولماذا أحتقره..؟
هل أشعرُ في قرارة نفسي أنّني أفضلُ منه، فقط لأنني أرتدي الملابس الفاخرة وألوي عنق الكلمات فأبدو مثقّفة. لأنني أحملُ في يدي كتابا ويحملُ هو في يديه أسماكا متعرّقة..!



"لا يجدرُ بالجهلة المتخلفينَ أن يتواجدوا في مثل هذه الأماكن... أنتُم جميًعا أولاد (ناس) ونحنُ أولاد (الكلب) الذينَ لا يجدر بهم أن يزاحموكم في هذه الدُّنيا..!" أطلق الرجل العجوز كلماته صارخًا في وجه الجميع ثمّ غادرَ وهو يلعنُ التعليم الذي جعل من أمثال هؤلاء القرود بشرًا.!

وما زلتُ أسأل..
ما الذي كنتُ سأفعله لو ..!
وأسألكم ما الذي كنتم ستفعلونه لو كنتم في تلك الحافلة... ؟
ما الذي دهانا حتّي أصبحنا طبقيين إلي هذا الحد؟
ما نوع الثقافة التي تغتال الأصالة وتبدّل النفوس وتجعل من المتعالينَ علي النّاس بشرًا يستحقّون الإجلال والإحترام، بل ويستحقونَ أن يحرسَ الرعاع لهم مقاعدهم من التلوُّث بالعفن؟!

24/2/2013

سر الصُّبح





  • الصُّبحُ سرٌ بينَ الأرض والبذور .. بينَ الماءِ والجذور .. بينَ غصن شجرة وعصفور.. بينَ كونٍ داخلي وآخر منظور .. بينَ روح غادرت فغفا الجسدُ بينَ عالم الظلمة وعالمِ النّور .
    الصّبح حكاية ما بينَ ليلة انقضت بأفراحها وأتراحها ويومُ جديد ينشدهُ البكور.

    الصّبحُ صدقٌ .. لا يقع في قلب حاقدٍ ولا يراهُ متكبرٌ ولا طاغية ولا مغرور.

السبت، 2 مارس 2013

**

حُلمٌ تائه في شوارع المدينة التي لم تكن يومًا خلفية لكنّهم جعلوها كذلك، وضعوا أمامها الأسوار فانزوي الحُلم. لا .. لم يرتض عن شوارعها -التي كانت بيتًا لضوء الشمس ومأوي للعصافير في يوم من الأيام- بديلا. ثمّ إن حلمهُ يشبهُ هذه المدينة ويليق بها وحدها.!

*

*


بينَ أن تُصبح جميلًا لأنّك تُحب الوطَن وبينَ أن يُصبح الوطن جميلًا لأنّك تحبّه، فرقٌ شاسع !