الاثنين، 28 مايو 2012

ثلَاثية غرناطة ..

أيُّ روعة هذه التي حملتنا صفحات الثلاثية إليها؟!
 وأيُّ ألمٍ هذا الذي لم يبرحنا مذ انتهينا من قراءتها؟!

كل الروايات التي قرأناها من قبل دخلت إلي بيوتنا وعاشت فوق أرفف مكتباتنا... تبتسم لنا كلما لامسناها بينما تقلب أيدينا وجوه الكتب.
لكنّ الثلاثية أمرها عجيب!! هي التي أخذتنا معها إلي البيوت والحارات، إلي البيازين والجامع الكبير، إلي الوديان صعودا وهبوطا، طافت بنا شوارع غرناطة وبالنسية ومالقة الحزينة، مرت علي المرية وإشبيلية وقرطبة في صمت. طافت بنا ومازالت تطوف حتي ثمِلنا تارة من الفرح وتارة من الغصة والحزن.
شخوص القصة ليسوا غرباء عنا، سوف يعتريك حنين قوي لهم بمجرد الوصول إلي آخر سطر في حكايتهم. لابد وأن تشتاق لأبي جعفر وتستغفر الله له ولأم جعفر وحكايا نعيم وسليمة وأعشابها، سعد وحسن ومريمة وعلي!

الثلاثية: حالة بين التشبث بأمل العودة وفقدان هذا الأملْ. حالة تتأرجح بين اليقين في عدالة السماء وبين الشك الذي يساور بعض أشخاصها. أحلامٌ لم تتخلي عن أصحابها فكيف يتخلّونَ عنها لكنها أخيرا تخلّت عنهم فخرجوا دون عودة.

كنتُ أعشقُ اللغة العربية  لكنّ غرناطة الثلاثية علّمتني أنّ (العشق) لَا يكفي !
 لم يكنُ المسلمون في الأندلس مرفهين إلي هذا الحد الذي يجعلهم يتحدثون الفرانكو آراب حبا وطواعية كما يفعل العرب الآن ... كانوا يتلهفون لسماع حروفها،ظلوا يصارعون الحرمان منها حتي اندثرت في طيّات الزمان رغمًا عنهم. رُغمًا عنهم صاروا قشتاليين. صاروا نصاري!هل جرّبت يومًا شعور الحرمان من اللغة العربية،،؟!

الثلاثية... ليست رواية بل هي بعثٌ لشخوص توارت خلف سطور الزمان ،عادت تروي فرحًا حاولوا أن ينقذوه من السقوط في الألم لكنه سقط ورغمَ السقوطِ أبي علي بن هشام سليل أبي جعفر الورّاق أن يرحلَ من غرناطة، عاد يجري إلي أحضانها لأنه يعرفُ أن الموتَ في الرحيلِ عنها.

شكرًا للرائعة /رضوي عاشور
ربّما تكونُ هذه أول مرة أشكرُ فيها شخصًا قدّم لي مزيدًا من الحسرة والألم!





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق